قوله جلّ ذكره: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.خوَّفَهم بِعلْمِه، ونَدَبَهم إلى مراقبته، لأنه يعلم السِّرَّ وأخفى، ويسمع الجَهْرَ والنجوى.... ثم قال مُبَيِّناً: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبَيرُ}.وفي كل جُزْءِ مِنْ خَلْقِه- من الأعيانِ والآثارِ- أدِلةٌ على علمه وحكمته.قوله جلّ ذكره: {هُوَ الَّّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلولاً فَامْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوْ مِن رِّزْقِه وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.أي إذا أردتم أن تضربوا في الأرضِ سَهَّلَ عليكم ذلك.كذلك جعل النَّفْس ذلولاً؛ فلو طَالَبْتَها بالوفاقِ وَجَدْتَها مُسَاعدةً مُوَافقة، مُتَابِعةً مُسَابِقة , وقد قيل في صفتها:هي النَّفْسُ ما عَوَّدْتها تتعودُ *** وللدهرِ أيامٌ تُذَمُّ وتُحْمَدُقوله جلّ ذكره: {ءَأَمِنتُم مَّن فِى السَّمَآءِ أن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِى السَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}.{مَّن فِى السَّمَآءِ} أراد بهم الملائكة الذين يسكنون السماء، فهم مُوَكَّلون بالعذاب.وخوَّفهم بالملائكة أن يُنْزِلوا عليهم العقوبةََ من السماء، أو يخسفوا بهم الأرض، وكذلك خَوَّفَهمِ أنْ يُرْسِلوا عليهم حجارةً كما أرسلوا على قوم لوط. وبيَّن أنَّ مَنْ كذَّب قَبْلَ هؤلاءِ رُسُلَهم كيف كانت عقوبتهم.